السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصّلاةً والسّلامُ على سيِّدنا محمّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين، وبعد ...
فهذه تعد تلخيصا لجهود عالم جليل من علماء اللغة وهو الدكتور حسن عباس ومن خلال كتابه (النحو الوافي) و الذي أعده اسما على
مسمى، وقد أضفت إلى الملخص بعض الشواهد القرآنية حتى يسهل الفهم إن شاء الله :
الكلام وما يتألف منه
الكلمة - الكلام (أو: الجملة) - الكَلِم - القول.
ما المراد من هذه الألفاظ الاصطلاحية فى عُرف النحويين؟
الكلمة:
حروف الهجاء تسعة وعشرون حرفًا، (وهى: أ- ب- ت- ث- ج...) وكل واحد منها رمز مجرد؛ لا يدل إلا على نفسه، ما دام مستقلا لا يتصل بحرف آخر.
فإذا اتصل بحرف أو أكثر، نشأ من هذا الاتصال ما يسمى: "الكلمة".
فاتصال الفاء بالميم - مثلا - يوجِد كلمة: "فَم"، واتصال العين بالياء فالنون، يوجد كلمة: "عين"، واتصال الميم بالنون فالزاى فاللام، يحدِث كلمة: "منزل"..
وهكذا تنشأ الكلمات الثنائية، والثلاثية، والرباعية - وغيرها - من انضمام بعض حروف الهجاء إلى بعض.
وكل كلمة من هذه الكلمات تدل على معنى؛ لكنه معنى جزئى؛ (أىْ: مفرد)؛
فكلمة: "فم" حين نسمعها، لا نفهم منها أكثر من أنها اسم شىء معين.
وكذلك الشأن فى كلمة: "عين"، و"منزل" وغيرهما من باقى الكلمات المفردة.
ولكن الأمر يتغير حين نقول: "الفم مفيد" - "العين نافعة" - "المنزل واسع النواحى"،
فإن المعنى هنا يصير غير جزئى؛ (أى: غير مفرد)؛
لأن السامع يفهم منه فائدة وافية إلى حدّ كبير، بسبب تعدد الكلمات، وما يتبعه من تعدد المعانى الجزئية، واتصال بعضها ببعض اتصالا ينشأ عنه معنى مركب.
ومن المعنى المركب تحدث تلك الفائدة التى: "يستطيع المتكلم أن يسكت بعدها، ويستطيع السامع أن يكتفى بها".
وهذا المعنى المركب، هو الذى يهتم به النحاة، ويسمونه بأسماء مختلفة، المراد منها واحد؛ فهو:
"المعنى المركب:،
أو: "المعنى التام"،
أو: "المعنى المفيد"
أو: "المعنى الذى يحسن السكوت عليه"...
الخلاصة:
مما تقدم نعلم أن الكلمة هى:
(اللفظة الواحدة التى تتركب من بعض الحروف الهجائية، وتدل على معنى جزئى؛ أىْ: "مفرد"). فإن لم تدل على معنى عربى وُضِعت لأدائه فليست كلمة، وإنما هى مجرد صوت.
الكلام (أو: الجملة):
هو: "ما تركب من كلمتين أو أكثر، وله معنى مفيد مستقل". مثل: أقبل ضيف. فاز طالب نبيه. لن يهمل عاقل واجبًا...
فلا بد فى الكلام من أمرين معًا؛ هما: "التركيب"، و"الإفادة المستقلة"
فلو قلنا: "أقبلَ" فقط، أو: "فاز" فقط، لم يكن هذا كلامًا؛ لأنه غير مركب.
ولو قلنا:
أقبلَ صباحًا... أو: فاز فى يوم الخميس... أو: لن يهمل واجبه...، لم يكن هذا كلامًا أيضًا؛ لأنه - على رغم تركيبه - غير مفيدة فائدة يكتفى بها المتكلم أو السامع ...
وليس من اللازم فى التركيب المفيد أن تكون الكلمتان ظاهرتين فى النطق؛
بل يكفى أن تكون إحداهما ظاهرة، والأخرى مستترة؛
كأن تقول للضيف: تفضلْ.
فهذا كلام مركب من كلمتين؛ إحداهما ظاهرة، وهى: تفضلْ، والأخرى مستترة، وهى: أنت. ومثل: "تفضل" : "أسافرُ" ... أو: "نشكر" أو: "تخرجُ" ... وكثير غيرها مما يعد فى الواقع كلامًا، وإن كان ظاهره أنه مفرد.
الكَلِم:
هو: ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر؛ سواء أكان لها معنى مفيد، أم لم يكن لها معنى مفيد.
فالكلم المفيد مثل:
النيل ثروة مصر –
القطن محصول أساسى فى بلادنا.
وغير المفيد مثل:
إن تكثر الصناعات...
القول:
هو كل لفظ نطق به الإنسان؛ سواء أكان لفظًا مفردًا أم مركبا، وسواء أكان تركيبه مفيدًا أم غير مفيد.
فهو ينطبق على: "الكلمة" كما ينطبق على: "الكلام" وعلى: "الكلم". فكل نوع من هذه الثلاثة يدخل فى نطاق: "القول" ويصح أن يسمى: "قولا" على
الصحيح، وقد سبقت الأمثلة.
كما ينطبق أيضًا على كل تركيب آخر يشتمل على كلمتين لا تتم بهما الفائدة؛ مثل: إن مصر... - أو: قد حضر... أو: هل أنت. أو: كتاب علىّ...
فكل تركيب من هذه التراكيب لا يصح أن يسمى: "كلمة"؛
لأنه ليس لفظًا مفردًا، ولا يصح أن يسمى: "كلامًا"؛ لأنه ليس مفيدًا. ولا: "كلمًا"؛ لأنه ليس مؤلفًا من ثلاث كلمات؛ وإنما يسمى: "قوْلاً".
ويقول أهل اللغة: إن "الكلمة" واحد: "الكلم".
ولكنها قد تستعمل أحيانًا بمعنى: "الكلام"؛ فتقول: حضرتُ حفل تكريم الأوائل؛ فسمعت "كلمة" رائعة لرئيس الحفل، و"كلمة" أخرى لأحد الحاضرين،
و"كلمة" ثالثة من أحد الأوائل يشكر المحتفلِين.
ومثل: اسمعْ منى "كلمة" غالية؛ وهى:
*أحْسِنْ إلى الناس تَستعبدْ قلوبهمُ * فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ*
فالمراد بالكلمة فى كل ما سبق هو: "الكلام"، وهو استعمال فصيح، يشيع على ألسنة الأدباء وغيرهم.
إلى أن نلتقي لا تنسوني من صالح دعائكم
[center]